16 - 08 - 2024

وجهة نظري | ترحيل المقدسيين .. جرائم إسرائيل لاتعرف التوقف

وجهة نظري | ترحيل المقدسيين .. جرائم إسرائيل لاتعرف التوقف

سلط ترحيل المحامي الفلسطيني صلاح الحمورى ، إلى فرنسا التي يحمل جنسيتها الأحد الماضى ، الضوء على جرائم إسرائيل التي لا تتوقف عن ممارستها ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض والحق .

لم يكن الحمورى إرهابيا كما تزعم إسرائيل دوما لتبرير قراراتها وسياستها العنصرية ، فجريمته أنه ناشط حقوقي يعمل بمؤسسة "الضمير" وهى منظمة فلسطينية للمساعدة الحقوقية وحقوق الأسرى .. لم يحمل الحمورى سلاحا وكل ما يملكه صوتا للحق يستميت في الجهر به ورفعه ليصم آذان الكيان الإسرائيلي ويصم جرائمه بالعنصرية.

فإسرائيل المتربصة دوما لكل صوت يدافع عن القضية الفلسطينية لم تتورع في التربص بصوت "الضمير" ولم تهدأ إلا بعد تصنيفها كمنظمة إرهابية العام الماضي ، إلى جانب خمس منظمات مجتمع مدنى أخرى.

ولم يسلم الحمورى بدوره من ذلك التربص فاعتبرته يشكل خطرا على إسرائيل ، وجردته من حق الإقامة في القدس التي ولد وعاش فيها وطردته منها .. وكان الحمورى قد تم اعتقاله في مارس الماضي واحتجازه دون محاكمة لمدة ثلاثة أشهر ، وتم تجديد الاعتقال الإدارى مرتين ، ولم تكتف إسرائيل بذلك بل تم تصنيفه على أنه سجين شديد الخطورة ونقل لسجن شديد الحراسة فبدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على قرار إعتقاله دون إتهام أنهاه بعد تسعة عشر يوما من وضعه في الحبس الإنفرادى.

الحمورى اعتبرته إسرائيل يشكل خطرا أمنيا عليها ، ودفعت بوزيرة الداخلية "إيلي تشاكيد" بسحب حق إقامته بالقدس وتم ترحيله من إسرائيل ووصفت قرارها بأنه "إنجاز عظيم لها قبل رحيلها عن منصبها".

وكالعادة أدانت منظمة العفو الدولية الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في حق الحموري ، ووصفته بأنه يدفع ثمنا باهظا لعمله كمحامى يدافع عن الفلسطينيين ، وأدانت أيضا طرد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة ووصفتها بأنها تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولى ولمعاهدة جنيف وتعد جريمة حرب محتملة وجريمة ضد الإنسانية ، ويعد تعبيرا عن الهدف السياسى بعيد المدى التي تسعى إليه السلطات الإسرائيلية بتقليص حجم الأهالي الفلسطينيين بالقدس الشرقية !!

مجرد كلمات اعتدنا عليها لا تقدم ولا تؤخر ، فقط تسجل موقفا لم يعد يكفينا في مواجهة جرائم عنصرية تزداد بشاعة وتجبرا ووحشية .

ومثلما أدانت منظمة العفو الدولية خرجت علينا أيضا منظمة إسرائيلية حقوقية "هموكيد" لتصف طرد الحمورى بأنه سابقة خطيرة تشكل إنتهاكا جسيما لحقوق الإنسان! كما أدانت الخارجية الفرنسية طرد الحمورى الذى يحمل جنسيتها ، ووصفت قرار السلطات الإسرائيلية بطرده إلى فرنسا بانه مخالف للقانون !!

وماذا بعد الإدانة؟ لاشيء يحدث وتظل الجرائم الإسرائيلية مستمرة بلا رادع أو توقف .. تماما مثلما عبرت منظمة الأسير الفلسطينية في بيانها بأن قضية الحموري أثبتت مجددا فشل المنظومة الدولية في حماية الشعب الفلسطيني كأفراد وجماعات ، حتى في أبسط حقوقهم كحق المواطنة .

فطرد الحمورى من أرضه وسحب حق إقامته فيها لم تكن الجريمة الأولى في حقه وإن كانت الأكبر والأكثر تاثيرا .. ففى عام 2016 منعت السلطات الإسرائيلية زوجته الفرنسية "إلسا لوفور" من دخول إسرائيل والضفة الغربية لزيارته ، وفي عام 2005 ألقى القبض عليه بتهمة التآمر على قتل عوفاديا يوسف الحاخام الأكبر لليهود وتم سجنه من عام 2005 إلى عام 2011.

سيف الطرد والترحيل وسحب الإقامة من المقدسيين لم يكن مسلطا فقط على الحمورى ولم يدفع وحده ثمنه بعدما صدق الكنيست عام 2018 على مشروع قانون يسمح لوزير الداخلية بإلغاء الإقامة الدائمة لسكان القدس الشرقية وسحب هوياتهم ، وبلغ أعداد من فقدوا حق الإقامة وفق ما رصده مركز القدس للحقوق الإجتماعية أكثر من ألفي فلسطيني فقدوا حق الإقامة من عام 1967وحتى عام 2014 ، فضلا عن أن هناك أكثر من 300 ألف مقدسى يحملون تصاريح إقامة مهددون بمصير الحمورى ولأسباب أكثر ضعفا وهشاشة وتربصا ، منها مطالبة المقدسى الذى يريد تجديد بطاقة هويته بعدما بليت أو فقدت صلاحيتها أو أراد استخراج بطاقة هوية لأحد أبنائه ، بتقديم وثائق تعجيزية منها على سبيل المثال ضريبة السكن عن ثلاث سنوات وفواتير مياه وكهرباء وهاتف وشهادات مدرسية طوال هذه الفترة فضلا عن سحب الهوية دون إبداء أسباب واضحة أو مقنعة . فيتعرض الطالب الذى سافر للدراسة للخارج لأكثر من سبع سنوات لسحب بطاقة هويته بل يتم التعامل مع الطفل المقدسى الذى يدرس في رام الله أو بيت لحم بأنه مقيم بدولة أخرى ، نفس الشروط التعجيزية يتعرض لها المطالبون بتطبيق قانون "لم الشمل" حيث يتعرضون لأقسى أنواع التعنت للموافقة على جمع شمل اسرهم في حالة ما إذا كان الزوج مقدسيا ويريد ضم زوجته  للإقامة معه في القدس أو العكس.

سياسة تطهير عرقى واضحة المعالم مكتملة الأركان ، لكن تظل إسرائيل بلا حسيب ولا رقيب ، يظل أيضا صوت المقاومة والتنديد وفضح جرائمها لا يتوقف ولايعرف الكلل والملل.

طرد الحمورى من أرضه ، لكن معركته مع مغتصب الأرض "مستمرة" كما وصفها فور وصوله لفرنسا ، "فالفلسطينى يأخذ قضية شعبه معه أينما ذهب.هذه هي مبادؤنا ..نحمل الوطن معنا إلى حيث ينتهى بنا الطريق".

صوت الحمورى لن يتلاشى  مع هذا المنفى القسرى كما عبرت زوجته إلسا لوفور بصدق وأن صوته بفرنسا سيكون صوتا للشعب الفلسطيني ..

ما ضاع حق وراؤه مطالب ، هذه  قناعتنا ، وهذا يقين كل من يؤمن بالقضية الفلسطينية حتى يتحقق الحلم.
----------------------------
بقلم: هالة فؤاد

 

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | الموت قهرا